الإسلام هو دين الله الواحد لجميع الأنبياء والرسل والأمم، وتلك الحقيقة واضحة جلية بجميع أصول شريعة أمة السلم بدين الله الحق، وبرسالاته الحق بجميع الأمم قبل أمة الإسلام رغم تحريفها، وقد أجمع على تلك الحقيقة المطلقة جميع الأئمة والشيوخ والعلماء المسلمين، وأبين اليسير جداً مما أوضحته تلك الأصول المستمد منها الشريعة الإسلامية عن تلك الحقيقة المطلقة، فمن الأصل الأول لجميع شرائع الدين الحنيف وهو القرآن تبين الآيات الكريمة التالية ذلك:
1ـ(شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَعَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ)الآية13الشورى 2ـ (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ(83)قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(84)وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
الآيات المبينات(83ـ85) من سورة آل عمران
3ـ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ(72) الآيتين72،71 سورة يونس
4ـ (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )الآية19من سورة آل عمران
5ـ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(134)وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(135) قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) الآيات من سورة البقرة
6ـ (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُون) الآية 52من سورة آل عمران
7ـ ( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ) الآية 111من سورةالمائدة
8ـ (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)آية65سورةآل عمران (وجاء بكتاب السمرقندى لهذه الآية (قال الزجاج: هذه الآية أبين الحجج على اليهود والنصارى بأن التوراة والإنجيل أنزلا من بعده وليس فيهما اسم لواحد من الأديان الباطلة واسم الإسلام في كل كتاب) ( أنتهى) أما ما يدعو له الكفرة ومعهم المسلمون المعتقدين عن جهل بالديانة النصرانية والديانة اليهودية والديانة السيخية، ومئات بل ألوف لأديان باطلة، فتلك ليست بأديان سماوية أنما هى أمم مختلفة، منها أمم كافرة ملحدة ومشركة، ومنها كثير من أمم أسلمت لله تعالى بدعوة أنبيائهم للإسلام لله كأمتى اليهود والنصارى، ألى أن بعث الله تعالى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وجعل أمته تضم بوسطيتها كل الأمم كخير أمة جعلها الله للناس، حيث هى أمة تأخذ بأسباب الدين بقدر ما تأخذ بالمسببات الدنيوية، أمة تعتدل بتفكرها كما تعتدل بتعقلها، أمة تعمل للأخرى بقدر ما تعمل لدنياها، أمة تدعو للخير والمعروف، وتنهى عن الفحشاء والمنكر والبغى، أمة توحد الله الخالق الحق، وتسعى وتعمر بالأرض بأنبل وأشرف وأوحد معرفه بالخالق الواحد الحق، أمة عمادها الرحمة، وقوامها الاعتدال، ودينها الحق، وفرض الله تعالى على كل مسلم ومسلمة بأمة الإسلام بالدعوة أكثرمن عشرون مرة كل يوم بالسلام والرحمة لكل البشر من خلال ركن الصلاة، أما ما إتسمت به أمم اليهود بإسلامها لله تعالى، فهو التطرف العلمى المبالغ به لأقصى الدرجات، بينما كانت أمة النصارى ذات تطرف عقلى مبالغ به قبل مبعث الأمة الاسلامية مع تحريف بين لمفهوم العقل وصفاته فرغم أن رسالة الأنجيل الغير محرفة كانت تخاطب أذهان بنى أسرائيل، فالنصارى والحواريون وهم من أسلموا لله بدعوة رسوله عيسى أبن مريم عليه السلام، كان مسلكهم وتوجههم به إفراط عقلى وبه مغالاة، بمواجهة أمة اليهود ذات الإفراط العلمى المغالى به، ليظهر نتائج هامة على أمم البشر المسلمة لدين الله الواحد قبل ظهور أمة الاسلام، ومن أهمها كان سلوك الحواريون وأمة النصارى ذات توجه يستندعلى التسامح والتراحم والود والحنان والسلام والتوكل عن أى توجه علمى كانوا عليه قبل أسلامهم، ولدرجة ظهور مايسمى بالرهبنة، وهونزوح كامل عن متطلبات الدنيا، حتى الترقى لما أبتدعونه من رهبنة تشمل الاعتكاف الدائم ببيوت الرحمن، وخدمتها مع المعاونة التامة لكل وجميع من يصلوا أليهم من العجزى والمرضى والأيتام وذوالحاجة، والتسامح مع الأفراط فى الحقوق، لدرجة أنه أذا ضربك أحد على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر، فأمتى اليهود والنصارى كانتا مسلمتين لله، ودينهم الاسلام، حتى مبعث الأمة الإسلامية، فضمت بوسطيتها جمع الأمم المسلمة لما قبلها ولتجب كل ما قبلها من تلك الأمم، وتصبح رسالة الإسلام بالتوراة والأنجيل منسوخة كمنسوخ الآيات القرانية، أما ما عليه الكفرة من شرك وإعتقاد بأن المسيح هو الله أو أبنه وثالث ثلوث، وتم صلبه من اليهود، فهو النتيجة الأخرى بحقبة ما قبل مبعث الأمة الاسلامية وهو تحريف فاضح، أمكن لمن هم بتوجه علمى مغالى الافراط به، من سحب من هم بتوجه عقلى مفرط ومغالى به لأذل وأنجس وأوحل درجات جهل وشرك ومذلة وإستعباد، وقد بين الله تعالى بالقرآن، أن اليهودية والنصرانية أمم، وإسلامها قد إتسم بتطرف علمى بأمم اليهود، وتطرف عقلى بأمة النصارى، وكانت كل أمم اليهود تطلب دلائل علمية من أنبيائهم ورسولهم، وما أصبح عليه البلدان المسلمة من طوائف متفرقة تكن البغضاء لبعضهم البعض، ما هوإلا نجاح يهودى بجرهم لتطرفهم وأبعادهم عن وسطية أمتهم الواحدة، فالصوفية والمعتزلة كمثال، قد مالوا أوأقصروا بوسطية الأمة نحو المغالاة العقلية بتوجههم، والشيعة قد مالوا أوقصروا بتلك الوسطية للأمة، بتوجه علمى مبالغ به، هذا وناهيك عن فرق قد وصل بهم أمورالتقصير والمغالاة لحد تطرف بأقصى وجهيه من تطرف عقلانى، مثل الدراويش وبعض من الطرق الصوفية، وتطرف علمى كجماعات التكفير والهجرة وغيرهم، وقد فتن اليهود بعض تلك الفرق ليكونوا منهم، من مشركين وكفرة، وينافسونهم بضلالهم، كالبهائية واليزيدية، وذلك ليس بسبيل الحصر أوالتحديد الدقيق، وأنما ما أردته بمقصدى، هو بيان أن التقصير والمغالاة، والميل والتطرف بوسطية أمة الإسلام الواحدة، يكون هو السبب الرئيسى لما آلت اليه أمة الإسلام من فرقة وخلافات، وخبو لسطوع نور أعظم حضارات تاريخ البشر، بينما التطرف العلمى بأمة اليهود فله شقين، الأول شق دينى لما كان عليه عباد الرحمن المسلمين بأمة اليهود من توجه علمى مفرط به قبل مبعث أمتى النصارى والإسلام، لدرجة وصول بعض عباد الله المسلمين بتلك الأمة لأعلى درجات علوم اليقين، وكما وصل صاحب سيدنا موسى عليه السلام لبعض من علم الغيب من لدن الله، وكان عبد مسلم صالح من أمة اليهود، وكان أحباراليهود يعلموا بمبعث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكانوا ينتظرونه لينصرونه على مجرميهم، فلقدراتهم الآيمانية، وتوجهم العلمي، مع عدم وجود فرق بين درجتى الإسلام والآيمان، بكل الأمم السابقة لأمة الإسلام، تيقن هؤلاء المؤمنين من أحباراليهود بفسوق وكفر، وإجرام أممهم، بعد إفراطهم بعلوم الدنيا، وذلتهم وخيانتهم، وتكبرهم، وفسادهم، وشحهم, وكذبهم, وخيانهم العهود وقتلهم الأنبياء, وإتباعهم للسحروما يمليه عليهم الشياطين, وتُحَرّيِفُهمَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِه, وكْتُبُوا ما أسموه بكتاب التلمودَ بِأَيْدِيهِم, وقسوة قلوبهم, وأَكَّلهم لِلسُّحْتِ وسَمَّاعُهم لِلْكَذِبِ, ومسَارِعُتهم فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ, وإيقادهم نار الحروب، واتَّخَذاهم من ُأَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُون اللّهِ، وَاتَّبَاعُهمْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ, وَحْرَصَهم عَلَى الحَيَاة الدنيا بملذاتها وتكنزيهم الذهبٍ, وكيدهم لجميع الأمم غيرهم, وغيره من فساد وفسوق وعربدة بالأرض، فقد أفرطوا بتطرفهم العلمى تطرف دنيوى بحت، وهو الشق الأخر من التطرف العلمى اليهودى، والذى قد أخذ أقصى حدوده من الضلال بعصرنا هذا، ولم يبقى على أستمرار وجودهم الضال، والموحل سوى نيف من سنين بعد العشر بإذن الله، وأكتب تلاوة بما تيسر من آيات الذكرالحكيم بما يبين كل ذلك فيما يلى: ـ
1ـ (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) الآية 110من سورة آل عمران وعند تناول علماء شرح آيات القرآن لتلك الاية الكريمة يتبين أن المتمسك بالمحرف والناسخ برسالتى التوراة والأنجيل كالمتمسك بالمنسوخ من آيات القرآن الكريم، فمن كتاب اللباب ذكر(قوله :{ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الكتاب لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } فيه وجهان: أحدهما: لو آمن أهل
الكتاب بهذا الذي حصلت به صفة الخيريَّةِ لأتباع محمد صلى الله عليه وسلم، لحصلت هذه الخيرية - أيضاً – لهم.
الثاني : إنما آثروا باطلهم ، حُبًّا للرياسة، واستتباع العوام ولو آمنوا لحصلت لهم الرياسة في الدنيا مع الثواب العظيم في الآخرة ، فكان ذلك خيراً مما قَنِعُوا به
وبكتاب البيضاوى ذكر({وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ الكتاب}إيماناً كما ينبغي{لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ} لكان الإِيمان خيراً لهم مما هم عليه {مّنْهُمُ المؤمنون}كعبد الله بن سلام وأصحابه{وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون}المتمردون في الكفر
وبكتاب أبن عاشورتراث شامخ لتحديد إسلام جميع الأمم التى أنزل الله عليها رسالات دينه الحق للسلم لذات وجه الله وبرسالات الإسلام لرسلهم، وبوجود كثيرمن المسلمين بتلك الأمم بعد أمة الإسلام، منهم من أعلن أسلامه ومنهم من أخفى إسلامه، ولكن كلاهما قد ترك ناسخ تلك الرسالات ليتبع ناسخ متمم رسالات دين الله الحق، وبما أوضحه شيخ الإسلام لتلك المسألة الجوهرية بوضوح نورانى يقطع أى شك بيقين أنه ليس كل من بأمة الإسلام يكونوا مسلمين، وليس كل من بأمم أهل الكتاب يكونوا كافرين، وأنه كما يكون العامل بمنسوخ آيات القرآن قد كفر، فقد كفر العامل بمنسوخ رسالات الإسلام السابقة للقرآن، وذلك بسياق تلك المسألة، حيث ذكر العالم الجليل أبن عاشور بكتابه لشرح آيات القرآن: (وأما قوله تعالى{من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}[آل عمران: 113، 114 الآية فتلك فئة قليلة من أهل الكتاب هم الذين دخلوا في الإسلام مثل عبد الله بن سلام ، وقد كانوا فئة قليلة بين قومهم فلم يكونوا جمهرة الأمّة .وقد شاع عند العلماء الاستدلال بهذه الآية لحجيّة الإجماع وعصمته من الخطأ، بناء على أن التعريف في المعروف والمنكر للاستغراق، فإذا أجمعت الأمَّة على حكم، لم يجز أن يكون ما أجمعوا عليه منكراً، وتعيّن أن يكون معروفاً ، لأنّ الطائفة المأمورة بالأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر في ضمنهم، ولا يجوز سكوتها منكر يقع، ولا عن معروف يترك، وهذا الاستدلال إن كان على حجية الإجماع بمعنى الشرع المتواتر المعلوم من الدين بالضرورة فهو استدلال صحيح لأن المعروف والمنكر في هذا النوع بديهي ضروري، وإن كان استدلالاً على حجية الإجماعات المنعقدة عن اجتهاد، وهو الذي يقصده المستدلون بالآية، فاستدلالهم بها عليه سفسطائي لأنّ المنكر لا يعتبر منكراً إلاّ بعد إثبات حكمه شرعاً، وطريق إثبات حكمه الإجماع، فلو أجمعوا على منكر عند الله خطأ منهم لما كان منكراً حتَّى ينهي عنه طائفة منهم لأنّ اجتهادهم هوغاية وسعهم.{وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ الكتاب لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ مِّنْهُمُ المؤمنون وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون} عطف على قوله { كنتم خير أمة أخرجت للناس } لأن ذلك التفضيل قد غمر أهل الكتاب من اليهود وغيرهم فنبّههم هذا العطف إلى إمكان تحصيلهم على هذا الفضل مع ما فيه من التعريض بهم بأنَّهم متردّدون في اتباع الإسلام، فقد كان مخيريق متردّداً زماناً ثمّ أسلم، وكذلك وفد نجران تردّدوا في أمر الإسلام، وأهل الكتاب يشمل اليهود والنصارى، لكن المقصود الأول هنا هم اليهود ، لأنَّهم كانوا مختلطين بالمسلمين في المدينة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى الإسلام، وقصد بيت مدراسهم، وٌّصهم قد أسلم منهم نفر قليل وقال النبي صلى الله عليه وسلم" لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود كلهم" ولم يذكر متعلق (آمن)هنا لأنّ المراد لو اتَّصفوا بالإيمان الذي هو لقب لدين الإسلام وهو الذي منه أطلقت صلة الذين آمنوا على المسلمين فصاركالعلم بالغلبة، وهذا كقولهم أسْلَم، وَصَبَأ، وأشْرَكَ، وألْحَد، دون ذكر متعلّقات لهاته الأفعال لأن المراد أنَّه اتَّصف بهذه الصّفات التي صارت أعلاماً على أديان معروفة ، فالفعل نُزّل منزلة اللازم، وأظهر منه: تَهَوّد، وتَنَصّر، وتَزَنْدق، وتَحَنَّف والقرينة على هذا المعنى ظاهرة وهي جعل إيمان أهل الكتاب في شرط الامتناع، مع أنّ إيمانهم بالله معروف لا ينكره أحد. ووقع في«الكشاف»أنّ المراد: لو آمنوا الإيمان الكامل، وهو تكلّف ظاهر، وليس المقام مقامه..وأجمل وجه كون الإيمان خيراً لهم لتذهب نفوسهم كلّ مذهب في الرجاء والإشفاق. ولمَّا أخبر عن أهْل الكتاب بامتناع الإيمان منهم بمقتضى جعل إيمانهم في حيز شرط ( لو ) الامتناعية ، تعيّن أن المراد من بقي بوصف أهل الكتاب ، وهو وصف لا يبقى وصفهم به بعد أن يتديّنوا بالإسلام، وكان قد يتوهّم أن وصف أهل الكتاب يشمل من كان قبل ذلك منهم ولو دخل في الإسلام، وجيء بالاحتراس بقوله:{منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون} أي منهم من آمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم فصدق عليه لقب المؤمن، مثل عبد الله بن سلام، وكان اسمه حُصيناً وهو من بني قينقاع، وأخيه، وعمته خالدة، وسعية أوسنعة بن غريض بن عاديا التيماوي، وهوابن أخي السموأل بن عاديا وثعلبة بن سعية، وأسد بن سعية القرظي، وأسد بن عبيد القرظي، ومخيريق مِن بني النضيرأو من بني قينقاع، ومثل أصْمحة النَّجاشي، فإنَّه آمن بقلبه وعوّض عن إظهاره إعمالَ الإسلام نصره للمسلمين وحمايته لهم ببلده، حتَّى ظهر دين الله، فقبل الله منه ذلك، ولذلك أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه بأنَّه كان مؤمناً وصلّى عليه حين أوحي إليه بموته. ويحتمل أن يكون المعنى من أهل الكتاب فريق متقّ في دينه، فهو قريب من الإيمان بمحمَّد عليه الصلاة والسلام، وهؤلاء مثل من بقي متردّداً في الإيمان من دون أن يتعرّض لأذى المسلمين، مثل نَّصارى نجران ونصارى الحبشة، ومثل مخيريق اليهودي قبل أن يسلم، على الخلاف في إسلامه، فإنَّه أوصى بماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمراد بإيمانهم صدق الإيمان بالله وبدينهم . وفريق منهم فاسق عن دينه، محرّف له، مناوٍ لأهل الخير، كما قال تعالى:{ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس}مثل الذين سَمُّوا الشاة لرسول الله يوم خيْبر، والذين حاولوا أن يرموا عليه صخرة .ـ
2ـ (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا)الآية71 الأسراء.
3ـ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) الآية143من سورة البقرة.
4ـ (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ) الآية83من سورة النمل.
ونظراً لتعدد الآيات المباركة البينات لأختلاف الأمم وتوحد الدين، وكذلك فعل أمم اليهود المختلفة من الفساد، والفسق والعربدة، ومحاربة دين الإسلام، وبما ضم ما يقارب من ثلثى محتوى القرآن الكريم، فأذكر على سبيل المثال فقط وليس الحصر بعض من الآيات الدالة على أختلاف الأمم وتوحد الدين فقط فيما يلى :ـ
من سورة البقرة:(الآيات من 128ـ132،والآيات من135ـ137،والآيات من139ـ141،والآية143، والآية256)ومن سورة الآعراف: (الآية 34، والآيتين 158ـ159) ، ومن سورة النحل الآية84 ، والاية89، ومن سورة الحج الاية34 ومن سورة المؤمنون الآيتين43ـ44 ومن سورة هود الآية118ومن سورة الأنبياء الآية92 أما من الأصل الثانى لشرائع دين الله الحق الحنيف فأكتفى بحديث شريف للرسول عليه الصلاة والسلام وهو:عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ آدَمَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:الأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلاَّتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِى وَبَيْنَهُ نَبِىٌّ وَإِنَّهُ نَازِلٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ رَجُلاً مَرْبُوعًا إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَصَّرَانِ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطِرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الإِسْلاَمِ فَيُهْلِكُ اللَّهُ فِى زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلاَّ الإِسْلاَمَ وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِى زَمَانِهِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ وَتَقَعُ الأَمَنَةُ عَلَى الأَرْضِ حَتَّى تَرْتَعَ الأُسُودُ مَعَ الإِبِلِ وَالنِّمَارُ مَعَ الْبَقَرِ وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ وَيَلْعَبَ الصِّبْيَانُ بِالْحَيَّاتِ لاَ تَضُرُّهُمْ فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّى عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ.
ومن الأصل الثالث لشريعة الدين الحنيف وهو أجماع أئمة وعلماء دراسة علوم القرآن، أبين أجماعهم بما ليس به أدنى ريبة على توحد الدين الحق بقول الزجاج عن الآية الكريمة 65من سورة آل عمران: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)حيث قال الزجاج وبما بينه أجماع العلماء الأتى:(هذه الآية أبين الحجج على اليهود والنصارى بأن التوراة والإنجيل أنزلا من بعده، وليس فيهما اسم لواحد من الأديان الباطلة، واسم الإسلام في كل كتاب)أنتهى ما بينه أجماع العلماء المسلمين عن الزجاج بأن أسم دين الإسلام بكل كتاب وأن اليهودية والنصارى أديان باطلة، وان التوراة والأنجيل رسالات لدين الله الحق الحنيف، أما عن الفروع والفتاوى والأحكام فانقل حرفياً وبأمانة من تراث العلوم الشامخة ما كتبه شيخ الإسلام أبن تيميه رحمة الله عليه عن كل ذلك بما يلى: (دين الأنبياء واحد وهو دين الإسلام لأن بعض الشرائع تتنوع فقد يشرع في وقت أمرا لحكمة ثم يشرع في وقت آخر أمرا آخر لحكمة كما شرع في أول الإسلام الصلاة إلى بيت المقدس ثم نسخ ذلك وأمر بالصلاة إلى الكعبة فتنوعت الشريعة والدين واحد، وكان استقبال الشام من ذلك الوقت من دين الإسلام وكذلك السبت لموسى من دين الإسلام، ثم لما صار دين الإسلام هو الناسخ وهو الصلاة إلى الكعبة، فمن تمسك بالمنسوخ فليس على دين الإسلام ولا هو من الأنبياء، ومن ترك شرع الأنبياء وابتدع شرعا، فشرعه باطل لا يجوز اتباعه، كما بقول الله تعالى بالآية 21من سورة الشورى:(أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) ولهذا كفرت اليهود والنصارى لأنهم تمسكوا بشرع منسوخ والله أوجب على جميع الخلق أن يؤمنوا بجميع كتبه ورسله ومحمد خاتم الرسل فعلى جميع الخلق اتباعه واتباع ما شرعه من الدين هو ما أتى به من الكتاب والسنة) أنتهى ما نقلـته حرفيا مما كتبه وبينه شيخ الإسلام، لأضيف لما بينه ذلك العالم الإسلامى الجليل بأن ما يتمسك به الكفرة من اليهود والنصارى من شرع منسوخ إسلامهم، يمثل أخف فئات الضلال كفرأ، والمنسوخ من آيات القرآن هوما محاه الله تعالى حيث التمسك بالمنسوخ كفر، لنجد أن ما يتمسك به الكفرة من اليهود والنصارى، فاق بضلاله البهائم والشياطين، لما به من أكاذيب وخرافات بتحريف كتب رسالات الإسلام من الأنجيل والتوراة، كما أن تلك الرسالات المحرفة بكتابى الأنجيل والتوراة لم ياتى بها لفظ ديانة مسيحية أو ديانة يهودية، وأنما بجميع رسالات دين الله الحق بينت أن دين الله هوالإسلام، أما عن لفظ المسيح فهو لقب لرسول الله عيسى أبن مريم، وذكر ذلك بالقرآن والأنجيل.
الأحد، 6 مارس 2011
نعمة الإسلام تعلو عن نعمة العقل
نعمة العقل هى أكرم وأشرف وأعظم نعم الخالق على الإنسان من بين كل المخلوقات، وقد أتم الله تعالى جميع نعمه على الإنسان بنعمة الإسلام بإستخدام العقل
الإسلام هو دين الله الواحد لجميع الأنبياء والرسل والأمم، وتلك الحقيقة واضحة جلية بجميع أصول شريعة أمة السلم بدين الله الحق، وبرسالاته الحق بجميع الأمم قبل أمة الإسلام رغم تحريفها، وقد أجمع على تلك الحقيقة المطلقة جميع الأئمة والشيوخ والعلماء المسلمين، وأبين اليسير جداً مما أوضحته تلك الأصول المستمد منها الشريعة الإسلامية عن تلك الحقيقة المطلقة، فمن الأصل الأول لجميع شرائع الدين الحنيف وهو القرآن تبين الآيات الكريمة التالية ذلك:
1ـ(شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَعَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ)الآية13الشورى 2ـ (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ(83)قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(84)وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
الآيات المبينات(83ـ85) من سورة آل عمران
3ـ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ(72) الآيتين72،71 سورة يونس
4ـ (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )الآية19من سورة آل عمران
5ـ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(134)وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(135) قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) الآيات من سورة البقرة
6ـ (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُون) الآية 52من سورة آل عمران
7ـ ( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ) الآية 111من سورةالمائدة
8ـ (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)آية65سورةآل عمران (وجاء بكتاب السمرقندى لهذه الآية (قال الزجاج: هذه الآية أبين الحجج على اليهود والنصارى بأن التوراة والإنجيل أنزلا من بعده وليس فيهما اسم لواحد من الأديان الباطلة واسم الإسلام في كل كتاب) ( أنتهى) أما ما يدعو له الكفرة ومعهم المسلمون المعتقدين عن جهل بالديانة النصرانية والديانة اليهودية والديانة السيخية، ومئات بل ألوف لأديان باطلة، فتلك ليست بأديان سماوية أنما هى أمم مختلفة، منها أمم كافرة ملحدة ومشركة، ومنها كثير من أمم أسلمت لله تعالى بدعوة أنبيائهم للإسلام لله كأمتى اليهود والنصارى، ألى أن بعث الله تعالى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وجعل أمته تضم بوسطيتها كل الأمم كخير أمة جعلها الله للناس، حيث هى أمة تأخذ بأسباب الدين بقدر ما تأخذ بالمسببات الدنيوية، أمة تعتدل بتفكرها كما تعتدل بتعقلها، أمة تعمل للأخرى بقدر ما تعمل لدنياها، أمة تدعو للخير والمعروف، وتنهى عن الفحشاء والمنكر والبغى، أمة توحد الله الخالق الحق، وتسعى وتعمر بالأرض بأنبل وأشرف وأوحد معرفه بالخالق الواحد الحق، أمة عمادها الرحمة، وقوامها الاعتدال، ودينها الحق، وفرض الله تعالى على كل مسلم ومسلمة بأمة الإسلام بالدعوة أكثرمن عشرون مرة كل يوم بالسلام والرحمة لكل البشر من خلال ركن الصلاة، أما ما إتسمت به أمم اليهود بإسلامها لله تعالى، فهو التطرف العلمى المبالغ به لأقصى الدرجات، بينما كانت أمة النصارى ذات تطرف عقلى مبالغ به قبل مبعث الأمة الاسلامية مع تحريف بين لمفهوم العقل وصفاته فرغم أن رسالة الأنجيل الغير محرفة كانت تخاطب أذهان بنى أسرائيل، فالنصارى والحواريون وهم من أسلموا لله بدعوة رسوله عيسى أبن مريم عليه السلام، كان مسلكهم وتوجههم به إفراط عقلى وبه مغالاة، بمواجهة أمة اليهود ذات الإفراط العلمى المغالى به، ليظهر نتائج هامة على أمم البشر المسلمة لدين الله الواحد قبل ظهور أمة الاسلام، ومن أهمها كان سلوك الحواريون وأمة النصارى ذات توجه يستندعلى التسامح والتراحم والود والحنان والسلام والتوكل عن أى توجه علمى كانوا عليه قبل أسلامهم، ولدرجة ظهور مايسمى بالرهبنة، وهونزوح كامل عن متطلبات الدنيا، حتى الترقى لما أبتدعونه من رهبنة تشمل الاعتكاف الدائم ببيوت الرحمن، وخدمتها مع المعاونة التامة لكل وجميع من يصلوا أليهم من العجزى والمرضى والأيتام وذوالحاجة، والتسامح مع الأفراط فى الحقوق، لدرجة أنه أذا ضربك أحد على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر، فأمتى اليهود والنصارى كانتا مسلمتين لله، ودينهم الاسلام، حتى مبعث الأمة الإسلامية، فضمت بوسطيتها جمع الأمم المسلمة لما قبلها ولتجب كل ما قبلها من تلك الأمم، وتصبح رسالة الإسلام بالتوراة والأنجيل منسوخة كمنسوخ الآيات القرانية، أما ما عليه الكفرة من شرك وإعتقاد بأن المسيح هو الله أو أبنه وثالث ثلوث، وتم صلبه من اليهود، فهو النتيجة الأخرى بحقبة ما قبل مبعث الأمة الاسلامية وهو تحريف فاضح، أمكن لمن هم بتوجه علمى مغالى الافراط به، من سحب من هم بتوجه عقلى مفرط ومغالى به لأذل وأنجس وأوحل درجات جهل وشرك ومذلة وإستعباد، وقد بين الله تعالى بالقرآن، أن اليهودية والنصرانية أمم، وإسلامها قد إتسم بتطرف علمى بأمم اليهود، وتطرف عقلى بأمة النصارى، وكانت كل أمم اليهود تطلب دلائل علمية من أنبيائهم ورسولهم، وما أصبح عليه البلدان المسلمة من طوائف متفرقة تكن البغضاء لبعضهم البعض، ما هوإلا نجاح يهودى بجرهم لتطرفهم وأبعادهم عن وسطية أمتهم الواحدة، فالصوفية والمعتزلة كمثال، قد مالوا أوأقصروا بوسطية الأمة نحو المغالاة العقلية بتوجههم، والشيعة قد مالوا أوقصروا بتلك الوسطية للأمة، بتوجه علمى مبالغ به، هذا وناهيك عن فرق قد وصل بهم أمورالتقصير والمغالاة لحد تطرف بأقصى وجهيه من تطرف عقلانى، مثل الدراويش وبعض من الطرق الصوفية، وتطرف علمى كجماعات التكفير والهجرة وغيرهم، وقد فتن اليهود بعض تلك الفرق ليكونوا منهم، من مشركين وكفرة، وينافسونهم بضلالهم، كالبهائية واليزيدية، وذلك ليس بسبيل الحصر أوالتحديد الدقيق، وأنما ما أردته بمقصدى، هو بيان أن التقصير والمغالاة، والميل والتطرف بوسطية أمة الإسلام الواحدة، يكون هو السبب الرئيسى لما آلت اليه أمة الإسلام من فرقة وخلافات، وخبو لسطوع نور أعظم حضارات تاريخ البشر، بينما التطرف العلمى بأمة اليهود فله شقين، الأول شق دينى لما كان عليه عباد الرحمن المسلمين بأمة اليهود من توجه علمى مفرط به قبل مبعث أمتى النصارى والإسلام، لدرجة وصول بعض عباد الله المسلمين بتلك الأمة لأعلى درجات علوم اليقين، وكما وصل صاحب سيدنا موسى عليه السلام لبعض من علم الغيب من لدن الله، وكان عبد مسلم صالح من أمة اليهود، وكان أحباراليهود يعلموا بمبعث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكانوا ينتظرونه لينصرونه على مجرميهم، فلقدراتهم الآيمانية، وتوجهم العلمي، مع عدم وجود فرق بين درجتى الإسلام والآيمان، بكل الأمم السابقة لأمة الإسلام، تيقن هؤلاء المؤمنين من أحباراليهود بفسوق وكفر، وإجرام أممهم، بعد إفراطهم بعلوم الدنيا، وذلتهم وخيانتهم، وتكبرهم، وفسادهم، وشحهم, وكذبهم, وخيانهم العهود وقتلهم الأنبياء, وإتباعهم للسحروما يمليه عليهم الشياطين, وتُحَرّيِفُهمَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِه, وكْتُبُوا ما أسموه بكتاب التلمودَ بِأَيْدِيهِم, وقسوة قلوبهم, وأَكَّلهم لِلسُّحْتِ وسَمَّاعُهم لِلْكَذِبِ, ومسَارِعُتهم فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ, وإيقادهم نار الحروب، واتَّخَذاهم من ُأَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُون اللّهِ، وَاتَّبَاعُهمْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ, وَحْرَصَهم عَلَى الحَيَاة الدنيا بملذاتها وتكنزيهم الذهبٍ, وكيدهم لجميع الأمم غيرهم, وغيره من فساد وفسوق وعربدة بالأرض، فقد أفرطوا بتطرفهم العلمى تطرف دنيوى بحت، وهو الشق الأخر من التطرف العلمى اليهودى، والذى قد أخذ أقصى حدوده من الضلال بعصرنا هذا، ولم يبقى على أستمرار وجودهم الضال، والموحل سوى نيف من سنين بعد العشر بإذن الله، وأكتب تلاوة بما تيسر من آيات الذكرالحكيم بما يبين كل ذلك فيما يلى: ـ
1ـ (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) الآية 110من سورة آل عمران وعند تناول علماء شرح آيات القرآن لتلك الاية الكريمة يتبين أن المتمسك بالمحرف والناسخ برسالتى التوراة والأنجيل كالمتمسك بالمنسوخ من آيات القرآن الكريم، فمن كتاب اللباب ذكر(قوله :{ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الكتاب لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } فيه وجهان: أحدهما: لو آمن أهل
الكتاب بهذا الذي حصلت به صفة الخيريَّةِ لأتباع محمد صلى الله عليه وسلم، لحصلت هذه الخيرية - أيضاً – لهم.
الثاني : إنما آثروا باطلهم ، حُبًّا للرياسة، واستتباع العوام ولو آمنوا لحصلت لهم الرياسة في الدنيا مع الثواب العظيم في الآخرة ، فكان ذلك خيراً مما قَنِعُوا به
وبكتاب البيضاوى ذكر({وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ الكتاب}إيماناً كما ينبغي{لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ} لكان الإِيمان خيراً لهم مما هم عليه {مّنْهُمُ المؤمنون}كعبد الله بن سلام وأصحابه{وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون}المتمردون في الكفر
وبكتاب أبن عاشورتراث شامخ لتحديد إسلام جميع الأمم التى أنزل الله عليها رسالات دينه الحق للسلم لذات وجه الله وبرسالات الإسلام لرسلهم، وبوجود كثيرمن المسلمين بتلك الأمم بعد أمة الإسلام، منهم من أعلن أسلامه ومنهم من أخفى إسلامه، ولكن كلاهما قد ترك ناسخ تلك الرسالات ليتبع ناسخ متمم رسالات دين الله الحق، وبما أوضحه شيخ الإسلام لتلك المسألة الجوهرية بوضوح نورانى يقطع أى شك بيقين أنه ليس كل من بأمة الإسلام يكونوا مسلمين، وليس كل من بأمم أهل الكتاب يكونوا كافرين، وأنه كما يكون العامل بمنسوخ آيات القرآن قد كفر، فقد كفر العامل بمنسوخ رسالات الإسلام السابقة للقرآن، وذلك بسياق تلك المسألة، حيث ذكر العالم الجليل أبن عاشور بكتابه لشرح آيات القرآن: (وأما قوله تعالى{من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}[آل عمران: 113، 114 الآية فتلك فئة قليلة من أهل الكتاب هم الذين دخلوا في الإسلام مثل عبد الله بن سلام ، وقد كانوا فئة قليلة بين قومهم فلم يكونوا جمهرة الأمّة .وقد شاع عند العلماء الاستدلال بهذه الآية لحجيّة الإجماع وعصمته من الخطأ، بناء على أن التعريف في المعروف والمنكر للاستغراق، فإذا أجمعت الأمَّة على حكم، لم يجز أن يكون ما أجمعوا عليه منكراً، وتعيّن أن يكون معروفاً ، لأنّ الطائفة المأمورة بالأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر في ضمنهم، ولا يجوز سكوتها منكر يقع، ولا عن معروف يترك، وهذا الاستدلال إن كان على حجية الإجماع بمعنى الشرع المتواتر المعلوم من الدين بالضرورة فهو استدلال صحيح لأن المعروف والمنكر في هذا النوع بديهي ضروري، وإن كان استدلالاً على حجية الإجماعات المنعقدة عن اجتهاد، وهو الذي يقصده المستدلون بالآية، فاستدلالهم بها عليه سفسطائي لأنّ المنكر لا يعتبر منكراً إلاّ بعد إثبات حكمه شرعاً، وطريق إثبات حكمه الإجماع، فلو أجمعوا على منكر عند الله خطأ منهم لما كان منكراً حتَّى ينهي عنه طائفة منهم لأنّ اجتهادهم هوغاية وسعهم.{وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ الكتاب لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ مِّنْهُمُ المؤمنون وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون} عطف على قوله { كنتم خير أمة أخرجت للناس } لأن ذلك التفضيل قد غمر أهل الكتاب من اليهود وغيرهم فنبّههم هذا العطف إلى إمكان تحصيلهم على هذا الفضل مع ما فيه من التعريض بهم بأنَّهم متردّدون في اتباع الإسلام، فقد كان مخيريق متردّداً زماناً ثمّ أسلم، وكذلك وفد نجران تردّدوا في أمر الإسلام، وأهل الكتاب يشمل اليهود والنصارى، لكن المقصود الأول هنا هم اليهود ، لأنَّهم كانوا مختلطين بالمسلمين في المدينة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى الإسلام، وقصد بيت مدراسهم، وٌّصهم قد أسلم منهم نفر قليل وقال النبي صلى الله عليه وسلم" لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود كلهم" ولم يذكر متعلق (آمن)هنا لأنّ المراد لو اتَّصفوا بالإيمان الذي هو لقب لدين الإسلام وهو الذي منه أطلقت صلة الذين آمنوا على المسلمين فصاركالعلم بالغلبة، وهذا كقولهم أسْلَم، وَصَبَأ، وأشْرَكَ، وألْحَد، دون ذكر متعلّقات لهاته الأفعال لأن المراد أنَّه اتَّصف بهذه الصّفات التي صارت أعلاماً على أديان معروفة ، فالفعل نُزّل منزلة اللازم، وأظهر منه: تَهَوّد، وتَنَصّر، وتَزَنْدق، وتَحَنَّف والقرينة على هذا المعنى ظاهرة وهي جعل إيمان أهل الكتاب في شرط الامتناع، مع أنّ إيمانهم بالله معروف لا ينكره أحد. ووقع في«الكشاف»أنّ المراد: لو آمنوا الإيمان الكامل، وهو تكلّف ظاهر، وليس المقام مقامه..وأجمل وجه كون الإيمان خيراً لهم لتذهب نفوسهم كلّ مذهب في الرجاء والإشفاق. ولمَّا أخبر عن أهْل الكتاب بامتناع الإيمان منهم بمقتضى جعل إيمانهم في حيز شرط ( لو ) الامتناعية ، تعيّن أن المراد من بقي بوصف أهل الكتاب ، وهو وصف لا يبقى وصفهم به بعد أن يتديّنوا بالإسلام، وكان قد يتوهّم أن وصف أهل الكتاب يشمل من كان قبل ذلك منهم ولو دخل في الإسلام، وجيء بالاحتراس بقوله:{منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون} أي منهم من آمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم فصدق عليه لقب المؤمن، مثل عبد الله بن سلام، وكان اسمه حُصيناً وهو من بني قينقاع، وأخيه، وعمته خالدة، وسعية أوسنعة بن غريض بن عاديا التيماوي، وهوابن أخي السموأل بن عاديا وثعلبة بن سعية، وأسد بن سعية القرظي، وأسد بن عبيد القرظي، ومخيريق مِن بني النضيرأو من بني قينقاع، ومثل أصْمحة النَّجاشي، فإنَّه آمن بقلبه وعوّض عن إظهاره إعمالَ الإسلام نصره للمسلمين وحمايته لهم ببلده، حتَّى ظهر دين الله، فقبل الله منه ذلك، ولذلك أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه بأنَّه كان مؤمناً وصلّى عليه حين أوحي إليه بموته. ويحتمل أن يكون المعنى من أهل الكتاب فريق متقّ في دينه، فهو قريب من الإيمان بمحمَّد عليه الصلاة والسلام، وهؤلاء مثل من بقي متردّداً في الإيمان من دون أن يتعرّض لأذى المسلمين، مثل نَّصارى نجران ونصارى الحبشة، ومثل مخيريق اليهودي قبل أن يسلم، على الخلاف في إسلامه، فإنَّه أوصى بماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمراد بإيمانهم صدق الإيمان بالله وبدينهم . وفريق منهم فاسق عن دينه، محرّف له، مناوٍ لأهل الخير، كما قال تعالى:{ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس}مثل الذين سَمُّوا الشاة لرسول الله يوم خيْبر، والذين حاولوا أن يرموا عليه صخرة .ـ
2ـ (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا)الآية71 الأسراء.
3ـ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) الآية143من سورة البقرة.
4ـ (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ) الآية83من سورة النمل.
ونظراً لتعدد الآيات المباركة البينات لأختلاف الأمم وتوحد الدين، وكذلك فعل أمم اليهود المختلفة من الفساد، والفسق والعربدة، ومحاربة دين الإسلام، وبما ضم ما يقارب من ثلثى محتوى القرآن الكريم، فأذكر على سبيل المثال فقط وليس الحصر بعض من الآيات الدالة على أختلاف الأمم وتوحد الدين فقط فيما يلى :ـ
من سورة البقرة:(الآيات من 128ـ132،والآيات من135ـ137،والآيات من139ـ141،والآية143، والآية256)ومن سورة الآعراف: (الآية 34، والآيتين 158ـ159) ، ومن سورة النحل الآية84 ، والاية89، ومن سورة الحج الاية34 ومن سورة المؤمنون الآيتين43ـ44 ومن سورة هود الآية118ومن سورة الأنبياء الآية92 أما من الأصل الثانى لشرائع دين الله الحق الحنيف فأكتفى بحديث شريف للرسول عليه الصلاة والسلام وهو:عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ آدَمَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:الأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلاَّتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِى وَبَيْنَهُ نَبِىٌّ وَإِنَّهُ نَازِلٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ رَجُلاً مَرْبُوعًا إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَصَّرَانِ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطِرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الإِسْلاَمِ فَيُهْلِكُ اللَّهُ فِى زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلاَّ الإِسْلاَمَ وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِى زَمَانِهِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ وَتَقَعُ الأَمَنَةُ عَلَى الأَرْضِ حَتَّى تَرْتَعَ الأُسُودُ مَعَ الإِبِلِ وَالنِّمَارُ مَعَ الْبَقَرِ وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ وَيَلْعَبَ الصِّبْيَانُ بِالْحَيَّاتِ لاَ تَضُرُّهُمْ فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّى عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ.
ومن الأصل الثالث لشريعة الدين الحنيف وهو أجماع أئمة وعلماء دراسة علوم القرآن، أبين أجماعهم بما ليس به أدنى ريبة على توحد الدين الحق بقول الزجاج عن الآية الكريمة 65من سورة آل عمران: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)حيث قال الزجاج وبما بينه أجماع العلماء الأتى:(هذه الآية أبين الحجج على اليهود والنصارى بأن التوراة والإنجيل أنزلا من بعده، وليس فيهما اسم لواحد من الأديان الباطلة، واسم الإسلام في كل كتاب)أنتهى ما بينه أجماع العلماء المسلمين عن الزجاج بأن أسم دين الإسلام بكل كتاب وأن اليهودية والنصارى أديان باطلة، وان التوراة والأنجيل رسالات لدين الله الحق الحنيف، أما عن الفروع والفتاوى والأحكام فانقل حرفياً وبأمانة من تراث العلوم الشامخة ما كتبه شيخ الإسلام أبن تيميه رحمة الله عليه عن كل ذلك بما يلى: (دين الأنبياء واحد وهو دين الإسلام لأن بعض الشرائع تتنوع فقد يشرع في وقت أمرا لحكمة ثم يشرع في وقت آخر أمرا آخر لحكمة كما شرع في أول الإسلام الصلاة إلى بيت المقدس ثم نسخ ذلك وأمر بالصلاة إلى الكعبة فتنوعت الشريعة والدين واحد، وكان استقبال الشام من ذلك الوقت من دين الإسلام وكذلك السبت لموسى من دين الإسلام، ثم لما صار دين الإسلام هو الناسخ وهو الصلاة إلى الكعبة، فمن تمسك بالمنسوخ فليس على دين الإسلام ولا هو من الأنبياء، ومن ترك شرع الأنبياء وابتدع شرعا، فشرعه باطل لا يجوز اتباعه، كما بقول الله تعالى بالآية 21من سورة الشورى:(أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) ولهذا كفرت اليهود والنصارى لأنهم تمسكوا بشرع منسوخ والله أوجب على جميع الخلق أن يؤمنوا بجميع كتبه ورسله ومحمد خاتم الرسل فعلى جميع الخلق اتباعه واتباع ما شرعه من الدين هو ما أتى به من الكتاب والسنة) أنتهى ما نقلـته حرفيا مما كتبه وبينه شيخ الإسلام، لأضيف لما بينه ذلك العالم الإسلامى الجليل بأن ما يتمسك به الكفرة من اليهود والنصارى من شرع منسوخ إسلامهم، يمثل أخف فئات الضلال كفرأ، والمنسوخ من آيات القرآن هوما محاه الله تعالى حيث التمسك بالمنسوخ كفر، لنجد أن ما يتمسك به الكفرة من اليهود والنصارى، فاق بضلاله البهائم والشياطين، لما به من أكاذيب وخرافات بتحريف كتب رسالات الإسلام من الأنجيل والتوراة، كما أن تلك الرسالات المحرفة بكتابى الأنجيل والتوراة لم ياتى بها لفظ ديانة مسيحية أو ديانة يهودية، وأنما بجميع رسالات دين الله الحق بينت أن دين الله هوالإسلام، أما عن لفظ المسيح فهو لقب لرسول الله عيسى أبن مريم، وذكر ذلك بالقرآن والأنجيل.
الإسلام هو دين الله الواحد لجميع الأنبياء والرسل والأمم، وتلك الحقيقة واضحة جلية بجميع أصول شريعة أمة السلم بدين الله الحق، وبرسالاته الحق بجميع الأمم قبل أمة الإسلام رغم تحريفها، وقد أجمع على تلك الحقيقة المطلقة جميع الأئمة والشيوخ والعلماء المسلمين، وأبين اليسير جداً مما أوضحته تلك الأصول المستمد منها الشريعة الإسلامية عن تلك الحقيقة المطلقة، فمن الأصل الأول لجميع شرائع الدين الحنيف وهو القرآن تبين الآيات الكريمة التالية ذلك:
1ـ(شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَعَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ)الآية13الشورى 2ـ (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ(83)قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(84)وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
الآيات المبينات(83ـ85) من سورة آل عمران
3ـ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ(72) الآيتين72،71 سورة يونس
4ـ (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )الآية19من سورة آل عمران
5ـ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(134)وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(135) قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) الآيات من سورة البقرة
6ـ (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُون) الآية 52من سورة آل عمران
7ـ ( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ) الآية 111من سورةالمائدة
8ـ (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)آية65سورةآل عمران (وجاء بكتاب السمرقندى لهذه الآية (قال الزجاج: هذه الآية أبين الحجج على اليهود والنصارى بأن التوراة والإنجيل أنزلا من بعده وليس فيهما اسم لواحد من الأديان الباطلة واسم الإسلام في كل كتاب) ( أنتهى) أما ما يدعو له الكفرة ومعهم المسلمون المعتقدين عن جهل بالديانة النصرانية والديانة اليهودية والديانة السيخية، ومئات بل ألوف لأديان باطلة، فتلك ليست بأديان سماوية أنما هى أمم مختلفة، منها أمم كافرة ملحدة ومشركة، ومنها كثير من أمم أسلمت لله تعالى بدعوة أنبيائهم للإسلام لله كأمتى اليهود والنصارى، ألى أن بعث الله تعالى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وجعل أمته تضم بوسطيتها كل الأمم كخير أمة جعلها الله للناس، حيث هى أمة تأخذ بأسباب الدين بقدر ما تأخذ بالمسببات الدنيوية، أمة تعتدل بتفكرها كما تعتدل بتعقلها، أمة تعمل للأخرى بقدر ما تعمل لدنياها، أمة تدعو للخير والمعروف، وتنهى عن الفحشاء والمنكر والبغى، أمة توحد الله الخالق الحق، وتسعى وتعمر بالأرض بأنبل وأشرف وأوحد معرفه بالخالق الواحد الحق، أمة عمادها الرحمة، وقوامها الاعتدال، ودينها الحق، وفرض الله تعالى على كل مسلم ومسلمة بأمة الإسلام بالدعوة أكثرمن عشرون مرة كل يوم بالسلام والرحمة لكل البشر من خلال ركن الصلاة، أما ما إتسمت به أمم اليهود بإسلامها لله تعالى، فهو التطرف العلمى المبالغ به لأقصى الدرجات، بينما كانت أمة النصارى ذات تطرف عقلى مبالغ به قبل مبعث الأمة الاسلامية مع تحريف بين لمفهوم العقل وصفاته فرغم أن رسالة الأنجيل الغير محرفة كانت تخاطب أذهان بنى أسرائيل، فالنصارى والحواريون وهم من أسلموا لله بدعوة رسوله عيسى أبن مريم عليه السلام، كان مسلكهم وتوجههم به إفراط عقلى وبه مغالاة، بمواجهة أمة اليهود ذات الإفراط العلمى المغالى به، ليظهر نتائج هامة على أمم البشر المسلمة لدين الله الواحد قبل ظهور أمة الاسلام، ومن أهمها كان سلوك الحواريون وأمة النصارى ذات توجه يستندعلى التسامح والتراحم والود والحنان والسلام والتوكل عن أى توجه علمى كانوا عليه قبل أسلامهم، ولدرجة ظهور مايسمى بالرهبنة، وهونزوح كامل عن متطلبات الدنيا، حتى الترقى لما أبتدعونه من رهبنة تشمل الاعتكاف الدائم ببيوت الرحمن، وخدمتها مع المعاونة التامة لكل وجميع من يصلوا أليهم من العجزى والمرضى والأيتام وذوالحاجة، والتسامح مع الأفراط فى الحقوق، لدرجة أنه أذا ضربك أحد على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر، فأمتى اليهود والنصارى كانتا مسلمتين لله، ودينهم الاسلام، حتى مبعث الأمة الإسلامية، فضمت بوسطيتها جمع الأمم المسلمة لما قبلها ولتجب كل ما قبلها من تلك الأمم، وتصبح رسالة الإسلام بالتوراة والأنجيل منسوخة كمنسوخ الآيات القرانية، أما ما عليه الكفرة من شرك وإعتقاد بأن المسيح هو الله أو أبنه وثالث ثلوث، وتم صلبه من اليهود، فهو النتيجة الأخرى بحقبة ما قبل مبعث الأمة الاسلامية وهو تحريف فاضح، أمكن لمن هم بتوجه علمى مغالى الافراط به، من سحب من هم بتوجه عقلى مفرط ومغالى به لأذل وأنجس وأوحل درجات جهل وشرك ومذلة وإستعباد، وقد بين الله تعالى بالقرآن، أن اليهودية والنصرانية أمم، وإسلامها قد إتسم بتطرف علمى بأمم اليهود، وتطرف عقلى بأمة النصارى، وكانت كل أمم اليهود تطلب دلائل علمية من أنبيائهم ورسولهم، وما أصبح عليه البلدان المسلمة من طوائف متفرقة تكن البغضاء لبعضهم البعض، ما هوإلا نجاح يهودى بجرهم لتطرفهم وأبعادهم عن وسطية أمتهم الواحدة، فالصوفية والمعتزلة كمثال، قد مالوا أوأقصروا بوسطية الأمة نحو المغالاة العقلية بتوجههم، والشيعة قد مالوا أوقصروا بتلك الوسطية للأمة، بتوجه علمى مبالغ به، هذا وناهيك عن فرق قد وصل بهم أمورالتقصير والمغالاة لحد تطرف بأقصى وجهيه من تطرف عقلانى، مثل الدراويش وبعض من الطرق الصوفية، وتطرف علمى كجماعات التكفير والهجرة وغيرهم، وقد فتن اليهود بعض تلك الفرق ليكونوا منهم، من مشركين وكفرة، وينافسونهم بضلالهم، كالبهائية واليزيدية، وذلك ليس بسبيل الحصر أوالتحديد الدقيق، وأنما ما أردته بمقصدى، هو بيان أن التقصير والمغالاة، والميل والتطرف بوسطية أمة الإسلام الواحدة، يكون هو السبب الرئيسى لما آلت اليه أمة الإسلام من فرقة وخلافات، وخبو لسطوع نور أعظم حضارات تاريخ البشر، بينما التطرف العلمى بأمة اليهود فله شقين، الأول شق دينى لما كان عليه عباد الرحمن المسلمين بأمة اليهود من توجه علمى مفرط به قبل مبعث أمتى النصارى والإسلام، لدرجة وصول بعض عباد الله المسلمين بتلك الأمة لأعلى درجات علوم اليقين، وكما وصل صاحب سيدنا موسى عليه السلام لبعض من علم الغيب من لدن الله، وكان عبد مسلم صالح من أمة اليهود، وكان أحباراليهود يعلموا بمبعث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكانوا ينتظرونه لينصرونه على مجرميهم، فلقدراتهم الآيمانية، وتوجهم العلمي، مع عدم وجود فرق بين درجتى الإسلام والآيمان، بكل الأمم السابقة لأمة الإسلام، تيقن هؤلاء المؤمنين من أحباراليهود بفسوق وكفر، وإجرام أممهم، بعد إفراطهم بعلوم الدنيا، وذلتهم وخيانتهم، وتكبرهم، وفسادهم، وشحهم, وكذبهم, وخيانهم العهود وقتلهم الأنبياء, وإتباعهم للسحروما يمليه عليهم الشياطين, وتُحَرّيِفُهمَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِه, وكْتُبُوا ما أسموه بكتاب التلمودَ بِأَيْدِيهِم, وقسوة قلوبهم, وأَكَّلهم لِلسُّحْتِ وسَمَّاعُهم لِلْكَذِبِ, ومسَارِعُتهم فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ, وإيقادهم نار الحروب، واتَّخَذاهم من ُأَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُون اللّهِ، وَاتَّبَاعُهمْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ, وَحْرَصَهم عَلَى الحَيَاة الدنيا بملذاتها وتكنزيهم الذهبٍ, وكيدهم لجميع الأمم غيرهم, وغيره من فساد وفسوق وعربدة بالأرض، فقد أفرطوا بتطرفهم العلمى تطرف دنيوى بحت، وهو الشق الأخر من التطرف العلمى اليهودى، والذى قد أخذ أقصى حدوده من الضلال بعصرنا هذا، ولم يبقى على أستمرار وجودهم الضال، والموحل سوى نيف من سنين بعد العشر بإذن الله، وأكتب تلاوة بما تيسر من آيات الذكرالحكيم بما يبين كل ذلك فيما يلى: ـ
1ـ (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) الآية 110من سورة آل عمران وعند تناول علماء شرح آيات القرآن لتلك الاية الكريمة يتبين أن المتمسك بالمحرف والناسخ برسالتى التوراة والأنجيل كالمتمسك بالمنسوخ من آيات القرآن الكريم، فمن كتاب اللباب ذكر(قوله :{ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الكتاب لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } فيه وجهان: أحدهما: لو آمن أهل
الكتاب بهذا الذي حصلت به صفة الخيريَّةِ لأتباع محمد صلى الله عليه وسلم، لحصلت هذه الخيرية - أيضاً – لهم.
الثاني : إنما آثروا باطلهم ، حُبًّا للرياسة، واستتباع العوام ولو آمنوا لحصلت لهم الرياسة في الدنيا مع الثواب العظيم في الآخرة ، فكان ذلك خيراً مما قَنِعُوا به
وبكتاب البيضاوى ذكر({وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ الكتاب}إيماناً كما ينبغي{لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ} لكان الإِيمان خيراً لهم مما هم عليه {مّنْهُمُ المؤمنون}كعبد الله بن سلام وأصحابه{وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون}المتمردون في الكفر
وبكتاب أبن عاشورتراث شامخ لتحديد إسلام جميع الأمم التى أنزل الله عليها رسالات دينه الحق للسلم لذات وجه الله وبرسالات الإسلام لرسلهم، وبوجود كثيرمن المسلمين بتلك الأمم بعد أمة الإسلام، منهم من أعلن أسلامه ومنهم من أخفى إسلامه، ولكن كلاهما قد ترك ناسخ تلك الرسالات ليتبع ناسخ متمم رسالات دين الله الحق، وبما أوضحه شيخ الإسلام لتلك المسألة الجوهرية بوضوح نورانى يقطع أى شك بيقين أنه ليس كل من بأمة الإسلام يكونوا مسلمين، وليس كل من بأمم أهل الكتاب يكونوا كافرين، وأنه كما يكون العامل بمنسوخ آيات القرآن قد كفر، فقد كفر العامل بمنسوخ رسالات الإسلام السابقة للقرآن، وذلك بسياق تلك المسألة، حيث ذكر العالم الجليل أبن عاشور بكتابه لشرح آيات القرآن: (وأما قوله تعالى{من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}[آل عمران: 113، 114 الآية فتلك فئة قليلة من أهل الكتاب هم الذين دخلوا في الإسلام مثل عبد الله بن سلام ، وقد كانوا فئة قليلة بين قومهم فلم يكونوا جمهرة الأمّة .وقد شاع عند العلماء الاستدلال بهذه الآية لحجيّة الإجماع وعصمته من الخطأ، بناء على أن التعريف في المعروف والمنكر للاستغراق، فإذا أجمعت الأمَّة على حكم، لم يجز أن يكون ما أجمعوا عليه منكراً، وتعيّن أن يكون معروفاً ، لأنّ الطائفة المأمورة بالأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر في ضمنهم، ولا يجوز سكوتها منكر يقع، ولا عن معروف يترك، وهذا الاستدلال إن كان على حجية الإجماع بمعنى الشرع المتواتر المعلوم من الدين بالضرورة فهو استدلال صحيح لأن المعروف والمنكر في هذا النوع بديهي ضروري، وإن كان استدلالاً على حجية الإجماعات المنعقدة عن اجتهاد، وهو الذي يقصده المستدلون بالآية، فاستدلالهم بها عليه سفسطائي لأنّ المنكر لا يعتبر منكراً إلاّ بعد إثبات حكمه شرعاً، وطريق إثبات حكمه الإجماع، فلو أجمعوا على منكر عند الله خطأ منهم لما كان منكراً حتَّى ينهي عنه طائفة منهم لأنّ اجتهادهم هوغاية وسعهم.{وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ الكتاب لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ مِّنْهُمُ المؤمنون وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون} عطف على قوله { كنتم خير أمة أخرجت للناس } لأن ذلك التفضيل قد غمر أهل الكتاب من اليهود وغيرهم فنبّههم هذا العطف إلى إمكان تحصيلهم على هذا الفضل مع ما فيه من التعريض بهم بأنَّهم متردّدون في اتباع الإسلام، فقد كان مخيريق متردّداً زماناً ثمّ أسلم، وكذلك وفد نجران تردّدوا في أمر الإسلام، وأهل الكتاب يشمل اليهود والنصارى، لكن المقصود الأول هنا هم اليهود ، لأنَّهم كانوا مختلطين بالمسلمين في المدينة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى الإسلام، وقصد بيت مدراسهم، وٌّصهم قد أسلم منهم نفر قليل وقال النبي صلى الله عليه وسلم" لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود كلهم" ولم يذكر متعلق (آمن)هنا لأنّ المراد لو اتَّصفوا بالإيمان الذي هو لقب لدين الإسلام وهو الذي منه أطلقت صلة الذين آمنوا على المسلمين فصاركالعلم بالغلبة، وهذا كقولهم أسْلَم، وَصَبَأ، وأشْرَكَ، وألْحَد، دون ذكر متعلّقات لهاته الأفعال لأن المراد أنَّه اتَّصف بهذه الصّفات التي صارت أعلاماً على أديان معروفة ، فالفعل نُزّل منزلة اللازم، وأظهر منه: تَهَوّد، وتَنَصّر، وتَزَنْدق، وتَحَنَّف والقرينة على هذا المعنى ظاهرة وهي جعل إيمان أهل الكتاب في شرط الامتناع، مع أنّ إيمانهم بالله معروف لا ينكره أحد. ووقع في«الكشاف»أنّ المراد: لو آمنوا الإيمان الكامل، وهو تكلّف ظاهر، وليس المقام مقامه..وأجمل وجه كون الإيمان خيراً لهم لتذهب نفوسهم كلّ مذهب في الرجاء والإشفاق. ولمَّا أخبر عن أهْل الكتاب بامتناع الإيمان منهم بمقتضى جعل إيمانهم في حيز شرط ( لو ) الامتناعية ، تعيّن أن المراد من بقي بوصف أهل الكتاب ، وهو وصف لا يبقى وصفهم به بعد أن يتديّنوا بالإسلام، وكان قد يتوهّم أن وصف أهل الكتاب يشمل من كان قبل ذلك منهم ولو دخل في الإسلام، وجيء بالاحتراس بقوله:{منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون} أي منهم من آمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم فصدق عليه لقب المؤمن، مثل عبد الله بن سلام، وكان اسمه حُصيناً وهو من بني قينقاع، وأخيه، وعمته خالدة، وسعية أوسنعة بن غريض بن عاديا التيماوي، وهوابن أخي السموأل بن عاديا وثعلبة بن سعية، وأسد بن سعية القرظي، وأسد بن عبيد القرظي، ومخيريق مِن بني النضيرأو من بني قينقاع، ومثل أصْمحة النَّجاشي، فإنَّه آمن بقلبه وعوّض عن إظهاره إعمالَ الإسلام نصره للمسلمين وحمايته لهم ببلده، حتَّى ظهر دين الله، فقبل الله منه ذلك، ولذلك أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه بأنَّه كان مؤمناً وصلّى عليه حين أوحي إليه بموته. ويحتمل أن يكون المعنى من أهل الكتاب فريق متقّ في دينه، فهو قريب من الإيمان بمحمَّد عليه الصلاة والسلام، وهؤلاء مثل من بقي متردّداً في الإيمان من دون أن يتعرّض لأذى المسلمين، مثل نَّصارى نجران ونصارى الحبشة، ومثل مخيريق اليهودي قبل أن يسلم، على الخلاف في إسلامه، فإنَّه أوصى بماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمراد بإيمانهم صدق الإيمان بالله وبدينهم . وفريق منهم فاسق عن دينه، محرّف له، مناوٍ لأهل الخير، كما قال تعالى:{ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس}مثل الذين سَمُّوا الشاة لرسول الله يوم خيْبر، والذين حاولوا أن يرموا عليه صخرة .ـ
2ـ (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا)الآية71 الأسراء.
3ـ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) الآية143من سورة البقرة.
4ـ (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ) الآية83من سورة النمل.
ونظراً لتعدد الآيات المباركة البينات لأختلاف الأمم وتوحد الدين، وكذلك فعل أمم اليهود المختلفة من الفساد، والفسق والعربدة، ومحاربة دين الإسلام، وبما ضم ما يقارب من ثلثى محتوى القرآن الكريم، فأذكر على سبيل المثال فقط وليس الحصر بعض من الآيات الدالة على أختلاف الأمم وتوحد الدين فقط فيما يلى :ـ
من سورة البقرة:(الآيات من 128ـ132،والآيات من135ـ137،والآيات من139ـ141،والآية143، والآية256)ومن سورة الآعراف: (الآية 34، والآيتين 158ـ159) ، ومن سورة النحل الآية84 ، والاية89، ومن سورة الحج الاية34 ومن سورة المؤمنون الآيتين43ـ44 ومن سورة هود الآية118ومن سورة الأنبياء الآية92 أما من الأصل الثانى لشرائع دين الله الحق الحنيف فأكتفى بحديث شريف للرسول عليه الصلاة والسلام وهو:عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ آدَمَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:الأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلاَّتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِى وَبَيْنَهُ نَبِىٌّ وَإِنَّهُ نَازِلٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ رَجُلاً مَرْبُوعًا إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَصَّرَانِ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطِرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الإِسْلاَمِ فَيُهْلِكُ اللَّهُ فِى زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلاَّ الإِسْلاَمَ وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِى زَمَانِهِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ وَتَقَعُ الأَمَنَةُ عَلَى الأَرْضِ حَتَّى تَرْتَعَ الأُسُودُ مَعَ الإِبِلِ وَالنِّمَارُ مَعَ الْبَقَرِ وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ وَيَلْعَبَ الصِّبْيَانُ بِالْحَيَّاتِ لاَ تَضُرُّهُمْ فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّى عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ.
ومن الأصل الثالث لشريعة الدين الحنيف وهو أجماع أئمة وعلماء دراسة علوم القرآن، أبين أجماعهم بما ليس به أدنى ريبة على توحد الدين الحق بقول الزجاج عن الآية الكريمة 65من سورة آل عمران: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)حيث قال الزجاج وبما بينه أجماع العلماء الأتى:(هذه الآية أبين الحجج على اليهود والنصارى بأن التوراة والإنجيل أنزلا من بعده، وليس فيهما اسم لواحد من الأديان الباطلة، واسم الإسلام في كل كتاب)أنتهى ما بينه أجماع العلماء المسلمين عن الزجاج بأن أسم دين الإسلام بكل كتاب وأن اليهودية والنصارى أديان باطلة، وان التوراة والأنجيل رسالات لدين الله الحق الحنيف، أما عن الفروع والفتاوى والأحكام فانقل حرفياً وبأمانة من تراث العلوم الشامخة ما كتبه شيخ الإسلام أبن تيميه رحمة الله عليه عن كل ذلك بما يلى: (دين الأنبياء واحد وهو دين الإسلام لأن بعض الشرائع تتنوع فقد يشرع في وقت أمرا لحكمة ثم يشرع في وقت آخر أمرا آخر لحكمة كما شرع في أول الإسلام الصلاة إلى بيت المقدس ثم نسخ ذلك وأمر بالصلاة إلى الكعبة فتنوعت الشريعة والدين واحد، وكان استقبال الشام من ذلك الوقت من دين الإسلام وكذلك السبت لموسى من دين الإسلام، ثم لما صار دين الإسلام هو الناسخ وهو الصلاة إلى الكعبة، فمن تمسك بالمنسوخ فليس على دين الإسلام ولا هو من الأنبياء، ومن ترك شرع الأنبياء وابتدع شرعا، فشرعه باطل لا يجوز اتباعه، كما بقول الله تعالى بالآية 21من سورة الشورى:(أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) ولهذا كفرت اليهود والنصارى لأنهم تمسكوا بشرع منسوخ والله أوجب على جميع الخلق أن يؤمنوا بجميع كتبه ورسله ومحمد خاتم الرسل فعلى جميع الخلق اتباعه واتباع ما شرعه من الدين هو ما أتى به من الكتاب والسنة) أنتهى ما نقلـته حرفيا مما كتبه وبينه شيخ الإسلام، لأضيف لما بينه ذلك العالم الإسلامى الجليل بأن ما يتمسك به الكفرة من اليهود والنصارى من شرع منسوخ إسلامهم، يمثل أخف فئات الضلال كفرأ، والمنسوخ من آيات القرآن هوما محاه الله تعالى حيث التمسك بالمنسوخ كفر، لنجد أن ما يتمسك به الكفرة من اليهود والنصارى، فاق بضلاله البهائم والشياطين، لما به من أكاذيب وخرافات بتحريف كتب رسالات الإسلام من الأنجيل والتوراة، كما أن تلك الرسالات المحرفة بكتابى الأنجيل والتوراة لم ياتى بها لفظ ديانة مسيحية أو ديانة يهودية، وأنما بجميع رسالات دين الله الحق بينت أن دين الله هوالإسلام، أما عن لفظ المسيح فهو لقب لرسول الله عيسى أبن مريم، وذكر ذلك بالقرآن والأنجيل.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)